قم بمشاركة المقال
تعتبر بعض العادات الغذائية الصغيرة مصدر بعض المشاكل الكبيرة، ومن الأشياء التي يستصغرها أغلب الناس ولا يعيرونها أهمية، النفخ على الأكل الساخن، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن الصبر لم يعد حتى على لقمة الأكل
فالسرعة اكتسحت العقول وأصبح الإنسان يفكر في الغاية دون التفكير في الوسيلة.
والمؤسف أن هذا يؤثر على ثقافتنا الغذائية، فالوجبة السريعة سميت سريعة لصغر حجمها، لكن ما تخفيه هو سعرات حرارية عالية، فهناك من يأخذ وجبته في خمس دقائق، حيث أصبح وقت التدخين أطول من وقت الطعام. ومعلوم أن قدوة الطفل هما أبويه، فالمرأة المثالية في نظره هي الأم والرجل المثالي عنده هو الأب، فهو يقلدهما ويحاكيهما أخلاقيا، لغويا وحركيا... وغذائيا
التغذية والأكل هما جزء أساسي من حياة الإنسان. فهما يمدان الجسم بالطاقة والعناصر الغذائية الضرورية للنمو والتطور. ولكن هل فكرنا يومًا في العادات الغذائية التي نمارسها وكيف يؤثر ذلك على صحتنا؟
اقرأ أيضاً
إن الأطفال هم أكثر المتأثرين بالعادات الغذائية، حيث يقلدوننا بدون أن نشعر. لذلك، يجب أن نستغل هذه الفرصة لتعليمهم العادات الغذائية الصحية. ومن بين تلك العادات، هناك عادة سيئة يقوم البعض بها أثناء تناول الطعام، وهي نفخ الطعام الساخن. هذه العادة ليست سيئة فقط، بل يمكن أن تكون ضارة للصحة أيضًا.
تخيلوا لو أن البكتيريا الصديقة التي توجد في فم الإنسان تتحول إلى عدوة بسبب هذه الحركة البسيطة. فالمشاكل الصغيرة قد تتراكم وتؤدي إلى مشاكل أكبر. وقد تحدث الإسلام عن آداب الأكل لأنها تعود بالفائدة على الإنسان. فالإسلام هو دين الرحمة، والقرآن الكريم والسنة النبوية هما مصدران للرحمة والمعرفة.
اقرأ أيضاً
بالنسبة لنا، لا نحتاج إلى الاستعانة بمشاهير هوليود لمعرفة أنظمتهم الغذائية. القرآن الكريم قد سبق البحوث بملايين السنين. ومن لم يأخذ القرآن كأساس لبحثه، فإنه سيستغرق وقتًا طويلاً ليصل إلى الحقائق التي وردت فيه.
في السنوات الأخيرة، لفت القرآن الكريم انتباه الغرب بسبب تناوله لحقائق علمية اكتشفت مؤخرًا. وآخر الدراسات تتحدث عن فوائد الرضاعة الطبيعية ومزاياها للطفل والأم. وتعتبر المذابح الإسلامية في الغرب مثالًا آخر على غنى الإسلام بالحكم الصحية والمنافع. إن الإسلام لا يزال يحمل في طياته الكثير من الحكم والفوائد الصحية.
فُقدتنا نحن هو الرسول (ص)، الذي يجب أن نستمد الحكمة منه في كل جوانب حياتنا الاجتماعية والدينية والنفسية والاقتصادية والغذائية. فقد تعلمنا منه (ص) طريقة الوضوء وطريقة الصلاة، فلماذا لم نتفكر في طريقة تناوله للطعام والحكم التي تركها لنا في السنة؟ حياة الرسول كانت مليئة بالحكم التي تعزز صحة البشر. فعلى الرغم من أنه لم يأكل كثيرًا، إلا أن نوعية الطعام وطريقة تناوله وأوقاته ومكانه وزمانه كانت مميزة بالحكمة. فآداب الأكل، على سبيل المثال، لا تعد ولا تحصى، والجميل فيها أنها بسيطة، حيث يبدأ بذكر اسم الله والحمد لله قبل البدء بالأكل والشرب، ويتم التناول باليد اليمنى وبتأنٍ، وكل هذا يعزز صحة الإنسان.
عادة نفخ الطعام الساخن هي عادة أصبحت تلقائية لدى الكثيرين وتتكرر يوميًا. وإذا كان نفخ الطعام يضر الشخص نفسه، فما بالك بنفخ طعام الطفل؟ فبعض الأمهات ينفخن في كأس الحليب أو في ملعقة الطعام قبل تقديمها للطفل. هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الفعل؟ وهو الذي لا ينطق عن الهوى.
إن هناك بكتيريا مفيدة للجسم وغير ضارة، حيث تقوم بعمليات تنشيط التفاعلات الحيوية والهضم. وتتواجد هذه البكتيريا بالملايين في الفم، وعند خروجها من الفم إلى الطعام يمكن أن تسبب عدة أمراض، منها قرحة المعدة. فنفخ الطعام والشراب أو إخراج النفس فيه عادة يومية يمارسها الإنسان عندما يتناول طعامًا أو شرابًا ساخنًا لتبريده. ولكن للأسف، هذه عادة خاطئة.
فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا شرب أحدكم فلا يتنفس في الإناء"، سواء كان يشرب من الإناء بمفرده أو يشارك فيه آخرون. ونفخ الطعام الساخن يدل على العجلة وعدم الصبر. فعندما تخرج البكتيريا من الفم بفعل النفخ، تسعى للحصول على الطعام الساخن، حيث تكون البكتيريا حساسة للحرارة. ثم يتناول الإنسان هذا الطعام الذي تكون البكتيريا فيه بكميات كبيرة جدًا وتكون جاهزة للدخول إلى جسم الإنسان.
فتخيل كم مرة يقوم الإنسان بالنفخ في ذلك الطعام وكم هي كمية البكتيريا المتواجدة فيه، ثم يقوم بتناول ذلك الطعام مع تلك البكتيريا المتحوصلة، فتبدأ الرحلة من الفم ومن ثم المريء إلى أن تصل إلى المعدة، فانشيط تلك البكتيريا وتفرز أنزيم "اليوريا"، الذي يسبب التهاب الأغشية المبطنة للمعدة، مسببا بذلك خرقا في الجدار، مما يؤذي في بعض الأحيان المعدة بهضم نفسها وحدوث تآكل بجدار المعدة، كما تسبب أيضا ضعفا في إفراز الأنسولين بالبنكرياس، مما يؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر بالدم وحدوث مرض السكري.
والوقاية تتمثل في الحفاظ على نظافة الفم واستعمال السواك أو الفرشاة وحتى المضمضة كما يحدث عند الوضوء، والالتزام بآداب الأكل التي فيها فوائد جمة، وقد أوصانا بها نبينا الكريم قبل أن يتحدث عنها العلم الحديث.
فالطفل إذن، يجب أن يتعلم طريقة التعامل مع الغذاء، لأن هذا الأخير يعتبر مصدرا للطاقة ومصدرا للمشاكل أيضا، وهناك بعض الوصلات الإشهارية العالمية والعربية والتي تروج لمنتجاتها، سواء كان شرابا أو غداء صلبا، حيث لا ينتبهون إلى وضعية الأكل،
في حين أن الرسول (ص) أوصى بالأكل والشرب في وضعية الجلوس. وتأتي العديد من الأبحاث لتؤكد أن الأكل في وضعية الوقوف العدو الأول للمعدة وسبب أساسي ومباشر في تكون الغازات، فالداء والدواء في الغذاء، والداء والدواء أيضا في طريقة التعامل مع الغذاء. إذن يجب على الآباء أن يتحلوا بالمسؤولية في كل ما يهم الجانب الغذائي لأطفالهم، لأن صحة الطفل هي من يصنع مستقبله، وتذكروا أن المرض وارد والشفاء مطلوب والوقاية خير من العلاج.