قم بمشاركة المقال
تستمر موجات الحر الشديدة في تحطيم الأرقام القياسية حول العالم، ما يجعل الكثيرين يتساءلون عن المقدار الذي يمكن أن يتحمله الجسم ويظل الشخص على قيد الحياة.
وتجيب الدراسات العلمية على هذا التساؤل قائلة إن الحد الأقصى لمقدرة الجسم على تحمل الحرارة يتراوح بين 40 إلى 50 درجة مئوية (104 و122 درجة فهرنهايت) إذا كنت جالساً، وذلك وفقاً لدراسة صغيرة أجريت في المملكة المتحدة.
وأوضح الباحثون أنهم بدأوا في التركيز على درجات الحرارة المرتفعة التي تبدأ في التغلب على دفاعات جسم الإنسان ضد الحرارة، أو ما يسمونه درجة الحرارة الحرجة العليا.
وأكد لويس هالسي، الأستاذ في كلية الحياة والعلوم الصحية بجامعة روهامبتون في لندن، أن بعض الأفراد يظهرون زيادة في معدل الأيض أثناء الراحة عندما ترتفع درجة الحرارة المحيطة. وزيادة معدل الأيض تزيد من الحرارة التي يولدها الجسم، وهؤلاء الأشخاص سيكونون أقل تأقلماً جيداً مع التواجد في الحرارة، لأنهم ينتجون مزيداً من الحرارة عندما يسخن الأشياء خارج أجسامهم.
وأظهرت الدراسة أيضاً أن الرطوبة تزيد الأمور سوءًا، حيث تجعل العرق أقل فاعلية في تهدئة الجسم، بحسب هالسي.
وأضاف هالسي: "عندما يكون الجو حاراً ورطباً، إذا كانت هناك زيادات في معدل الأيض، فإن هذه الزيادات تميل إلى أن تكون أكبر".
وأضاف الدكتور كريستوفر ليمون، الأستاذ المساعد في طب الطوارئ بكلية الطب بجامعة جونز هوبكنز، أن درجة الحرارة القصوى الحرجة هذه بالنسبة للبشر ستكون ضرورية لفهمها لأن تغير المناخ يتسبب في استقرار سقف الحرارة الحارقة في أجزاء مختلفة من العالم. وقال الباحثون إن الجسم البشري يحتاج إلى درجة حرارة أقل من 27 درجة مئوية، ليبذل مزيدا من الطاقة للحفاظ على درجة الحرارة الأساسية اللازمة البالغة 37 درجو مئوية. وعندما يكون الجو أكثر برودة، يلجأ الجسم إلى ردود فعل مثل الارتعاش كوسيلة لإنتاج المزيد من حرارة الجسم. وفي ضوء ذلك، سيكون من المنطقي وجود درجة حرارة حرجة عليا أيضا، حيث لا يستطيع الجسم تبريد نفسه دون إنفاق المزيد من الطاقة، كما قال الباحثون. ويوضح هالسي أن جسم الإنسان يستجيب للحرارة بإنتاج العرق الذي يبرد الجلد أثناء تبخره. ويقوم الجسم أيضا بنقل المزيد من الدم إلى الجلد، لمنح الدم فرصة أفضل للتهدئة بفضل التعرق. ولتتبع هذه الاستجابات وغيرها من الاستجابات للحرارة، قام هالسي وفريقه بتجنيد 13 شخصا سليما لقضاء ساعة في ثلاث مناسبات منفصلة في غرفة البيئة. وفي الغرفة، تعرض المشاركون لدرجات حرارة تتراوح بين 40 إلى 50 درجة مئوية ورطوبة بين 25% و50%. وطُلب منهم البقاء في حالة راحة وارتدوا سترة خفيفة وسراويل قصيرة. ولاحظ الباحثون زيادة كبيرة بشكل خاص في معدل الأيض بين خط الأساس 27.7 درجة والحرارة الأعلى 40 درجة مئوية. وتقول الدراسة إن هناك أيضا زيادة كبيرة أخرى في معدل الأيض عند 50 درجة مئوية عندما قفزت الرطوبة من 25% إلى 50%.أكد الباحثون أن الرطوبة العالية تعوق عملية التعرق وتزيد من الضغط البخاري للماء في الهواء، مما يجعل من الصعب على الجسم تبخير الماء وتبريد نفسه. وقد أظهرت الدراسة أن المشاركين في البحث عانوا أكثر عندما تكون درجة الحرارة 50 درجة مئوية والرطوبة 50٪.
وأشارت النتائج أيضًا إلى زيادة في معدل ضربات القلب مع ارتفاع درجة الحرارة والرطوبة، وهو مؤشر على أن الجسم يعمل بجد لإخراج الدم إلى الجلد للتبريد. وقد لاحظ الباحثون أن النساء يعانين من زيادة أكبر في معدل ضربات القلب مقارنةً بالرجال.
وأوضح الخبراء أن الحرارة الشديدة يمكن أن تلحق الضرر بالجسم بعدة طرق. فعندما ترتفع درجة الحرارة، يزداد معدل ضربات القلب وضغط الدم، مما يضع ضغطًا كبيرًا على القلب. ويشير الباحثون إلى أن الحرارة الشديدة تؤثر أيضًا على الأعضاء الداخلية، حيث ينتقل الدم بعيدًا عنها للتبريد، مما يؤثر على عمل الكلى وغيرها من الأعضاء.
اقرأ أيضاً
أشار وينتروب إلى أن الجفاف الناجم عن التعرق يؤدي إلى عدم استقرار الجسم وتغيرات في وظيفة الإنزيمات مع ارتفاع درجة حرارة الجسم. وعند الجفاف، يضطر القلب للعمل بجهد أكبر ويزيد معدل ضربات القلب وقد يتأثر ضغط الدم. وهناك العديد من العمليات البيولوجية التي تتأثر سلبًا في البيئات الحرارية المعاكسة.
وأكد ليمون أن الجسم سيفشل في مرحلة ما نتيجة للجفاف.
ماذا عن الأجسام المتحركة؟
على الرغم من أن هذه الدراسة تعتبر بداية جيدة، إلا أن هناك المزيد مما يجب القيام به لفهم تأثير درجات الحرارة المرتفعة على الجسم. ويشير وينتروب إلى أن هذه التجربة أجريت على أشخاص كانوا مستلقين بلا حراك، ولذلك يجب إجراء دراسات على الأشخاص الذين يعملون أو يمارسون الرياضة في درجات حرارة عالية.
ويضيف وينتروب: "ما يقلقني حقًا ليس ما يحدث لك عندما تجلس ساكنًا، ولكن ما يحدث عندما تقوم بنشاط ما".
ويشدد الأحمد على ضرورة أن تأخذ الدراسات المستقبلية في الاعتبار آليات التكيف المختلفة، مثل العمل في الظل أو استخدام المروحة للمساعدة في تبخر العرق وتبريد الجسم.