قم بمشاركة المقال
تعرضت حنان، البالغة من العمر 20 عامًا، لتجربة مروعة لم تكن تتوقعها أبدًا. في يوم ميلادها الأسبوع الماضي، قررت تقديم طلب للحصول على وظيفة عبر إحدى منصات التواصل الاجتماعي. ولكنها لم تكن تعلم أن هذا القرار سيقودها إلى مأزق قانوني، حيث تم فتح تحقيق من قبل النيابة العامة في جريمة نصب واحتيال مالي تعرضت لها.
لقد خُدِعَت حنان بسهولة بواسطة خبرة المحتالين وثقتها الزائدة في منصات التواصل الاجتماعي. قدم لها المجرمون عرضًا للعمل براتب شهري قدره 5000 ريال، دون الحاجة إلى أي مجهود أو الالتزام بأوقات الدوام. وبمجرد أن حصلت على أول راتب لها، قدمت لهم تفاصيل حسابها البنكي ورموز التحقق التي تصل إلى هاتفها.
لكنها اكتشفت لاحقًا أن حسابها البنكي تحول إلى محطة لاستقبال الأموال المالية من شخص آخر. تم استغلالها والاستيلاء على أموالها بعد أن تم إيداع الأموال في حسابها. وفي النهاية، تم استدعاؤها من قبل النيابة العامة بتهمة النصب والاحتيال والاستيلاء على مبلغ قدره 400 ألف ريال من ضحايا آخرين عبر عمليات تحويل بنكي في حسابها.
تدور حكاية حنان حول مجموعة من اللصوص المحترفين الذين يستهدفون ضحاياهم بطرق متنوعة. قد يكون الهدف استثمار الأموال في البورصة والعقارات والأسهم الخارجية، أو قد يكون من خلال طلبات وهمية للتوظيف عبر الإنترنت. يقدم المحتالون طلبات وظائف ويجبرون الضحايا على فتح حساب بنكي لاستلام رواتبهم. ثم يطلبون منهم الأرقام السرية لهواتفهم المحمولة، وفي النهاية يكتشف الموظف الوهمي أنه قد وقع ضحية عملية احتيال، حيث تم تحويل مبالغ كبيرة من حسابه إلى حسابات في الخارج دون علمه.
اقرأ أيضاً
في الوقت نفسه، أعلن مصدر مسؤول في النيابة العامة أنه تم بدء التحقيق مع تنظيم إجرامي يضم 12 متهمًا، بينهم مواطنون ومقيمون، بتهمة ارتكاب جرائم احتيال مالي وسرقة أموال الآخرين وتحويلها إلى الخارج.
كشفت إجراءات التحقيق أن بعض المتهمين استخدموا أجهزة وتطبيقات متخصصة لتمرير المكالمات الدولية إلى أرقام الهواتف داخل المملكة، واقتنعوا الضحايا بالاستثمار في العملات الرقمية غير المرخصة، وفتحوا حسابات بنكية في بنوك سعودية وتلقوا مبالغ مالية وتحويلها إلى الخارج.
اقرأ أيضاً
وأظهرت إجراءات التحقيق أن بعض المتهمين نشروا سيرتهم الذاتية على وسائل التواصل الاجتماعي للبحث عن وظائف، وتلقوا عروض عمل من شركات أجنبية للعمل عن بُعد مقابل راتب شهري. وقد تم إرسال الأجهزة الإلكترونية لهم عن طريق متهمين آخرين، الذين استغلوا أسماء وزي شركة اتصالات معروفة، وثبتوا الأجهزة بإحكام داخل منازلهم وأخفوا بيانات التتبع.
وعثر في تفتيش منازل المتهمين على أجهزة إلكترونية مخصصة لتمرير المكالمات وشرائح اتصال وأجهزة جوال مخصصة لتفعيل الشرائح. وقد تم اعتقال المتهمين وسيتم استكمال التحقيقات وإحالتهم إلى المحكمة المختصة لتطبيق العقوبات المشددة وفقًا لنظام مكافحة الاحتيال المالي.
شدد المصدر على أهمية دور النيابة العامة في مكافحة الجرائم المالية بكل أشكالها وصورها. وأكد أنها لن تتردد في تقديم المجرمين للعدالة وفرض أقصى العقوبات عليهم. كما أشار إلى ضرورة التحقق من أي اتصال يتعلق بعروض الوظائف أو الاستثمارات، حيث يمكن أن يؤدي استغلال البيانات والحسابات البنكية في ارتكاب جرائم الاحتيال المالي وتعريض الأشخاص للمسائلة القانونية.
حذر المحامي سراج سرتي من تطور صور الاحتيال المالي وتحولها من متاجرة العملات الأجنبية إلى استغلال الشباب من خلال عروض الوظائف. وأشار إلى أن جرائم الاحتيال المالي تستهدف الأفراد بأشكال مختلفة ومتغيرة، وتعتبر جريمة يعاقب عليها القانون. وحذر المحامي نبيل قملو من الكشف عن بيانات الحسابات البنكية لأي جهة، ودعا إلى الاستعانة بالمواقع الرسمية والجهات المعتمدة للتأكد من صحة العروض والاستثمارات المقدمة.
أشارت المحامية نوال زيد إلى أن المحتالين يستخدمون أساليب متعددة ومتجددة في جرائم الاحتيال المالي، ويستهدفون خاصة كبار السن والسيدات. ويطلبون من ضحاياهم فتح حسابات بنكية وتحويل الأموال لهذه الحسابات، ثم يستولون على الأموال ويحولونها للخارج. وبالتالي، يكون صاحب الحساب المصرفي المسؤول الأول أمام السلطات بسبب تورطه في أعمال إجرامية.
يطالب المحامي حكم الحكمي بضرورة أخذ الحيطة والحذر من حالات الاحتيال، ويشير إلى أن الضحية في مثل هذه الحالات قد يتم اتهامها أمام النيابة بسبب تفريطها في حماية حساباتها البنكية ورموز التحقق الخاصة بها. وبالتالي، يصبح المجني عليه متهمًا بناءً على القانون، حيث يكون المجني عليه هو المتسبب في الجريمة ومشارك فيها ويتحمل تبعاتها. ويشير الحكمي إلى أن هذه الجريمة تعتبر متداخلة بين النصب والاحتيال المالي، والتي تؤدي إلى جريمة غسل الأموال.
ويحذر المختصون من التفريط في الحماية الشخصية والتجارية والاقتصادية، ويؤكدون أن النيابة تولي أهمية كبيرة لحماية الحسابات الشخصية ومكافحة الاستغلال الآثم. ويشددون على أن أي نشاط يستغل الأفراد أو الكيانات لتمرير أموال غير مشروعة يستوجب المساءلة الجزائية وفقًا للأنظمة.
ويحذر المحامي صالح مسفر الغامدي من التصرف في الحسابات البنكية بطرق غير قانونية، ويشير إلى أن ذلك يعرض الشخص للمساءلة الجزائية ويتورط في جريمة غسل الأموال. كما يحذر من استخدام الضحية كأداة للنصب والاحتيال. ويشير إلى أن نظام المعاملات المدنية ينص على أنه يجب على الشخص أن يؤدي ما أخذه بيده، وبالتالي يجب على الشخص الذي يتورط في تحويل حسابه لاستقبال أموال غير مشروعة أو مسروقة أو ناتجة عن عمليات نصب واحتيال وسرقة، أن يعيد تلك الأموال أو يتحمل عواقب ذلك. ويشدد على أن عدم معرفة القانون ليس عذرًا.
وفي سياق متصل، أشارت المحامية عبير دغريدي إلى أن الاحتيال والسرقة من الأمور التي تعتبر جرائم مالية تستحق عقوبات رادعة. وحذرت من خطورة الانخراط في أنشطة استثمارية غير قانونية، حيث يكون من السهل على الجناة الاستيلاء على أموال الآخرين وسرقتها. وأضافت قائلة: "يتزايد عدد الإعلانات الترويجية عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي تدعو إلى الاستثمار في العملات والأسهم والعقارات والذهب، سواء داخل المملكة أو خارجها. وهذا مجرد خداع واحتيال يجب الإبلاغ عنهم وعدم التعامل معهم".